ثم تغرب الشمس .. ليس كأى شمس .. فقد عرفتها وعرفتنى
ثم تغرب الشمس .. بعد أن سكنتنى بما لم أحلم به فى حياتى
وتغرب وتغرب وتغرب .. كأنها لم تشرق … وكأنها لم تحمل معها عمرى يبدأ من أوله .. من جديد
ثم تغرب الشمس .. وأنا معها .. أغرب .. كجرم صغير .. ما عرف النور أبداً إلا حين أطلت عليه
ويسكننى الرفض من جديد .. كليل طويل .. لا يلبث أن يتجدد .. وعرفته وعرفنى
رفض بارد .. برودة الثلج .. بل أكثر وأشد قسوة .. رفض ينحت فى صخورى بعد ما فرحت أنها لانت .. وتمايلت .. وطربت .. دبت فيها الحياة
رفض سرته طوال عمرى .. أترقب موتى فى كل خطوة أسيرها فيه .. وأخشى انكسارى فى كل حفرة يقذفنى فيها
رفض نبذته وكرهته .. وجذبنى هو وأحبنى
كم هو إحساس مهين لشخص مثلى .. أن ترفضنى من أمد يدى إليها .. أمد يدى إليها طالباً الأمل ومقبلاً عليها إقبال البائس حين تدب فيه الحياة
وكم هو إحساس مؤلم أن يرفض الطبيب علاج تعبى .. وما عرفت لى طبيباً غيره وما تمنيت لى علاجاً إلا من يديه
وكم هى غريبة دنيتى .. أعيشها أباً وتتبرأ منى ابنتى .. وأعيشها أخاً وتنكر نسبى أختى .. وأصادق فيها وحدتى بعد أن تخلت عنى صديقتى
لم أكن أود أبداً أن تنكرينى مبكراً هكذا .. لم أشبع منك .. لم أرو ضلوعى ظمأى لعشقك .. ولا روحاً حيرى استكانت لك
ظننت أن ما أحمله لك سيبقيك ليوم آخر .. تشرقين فيه مرة أخرى .. وهكذا حلمت .. كما حلمت كل ليلة بفجرك
فلم تنتهى الأيام سريعاً ويبقى الليل؟ لم تنقضى الآمال ويشدنى اليأس لقبره مرة أخرى؟
أما علمت أنك أنت الأيام بنهارها وشمسها .. وأنك أنت الآمال بأحلامها ومستقبلها؟
ألا تدعينى أختزن لك مزيداً من الذكريات تنيرنى فى ظلمتى .. ألا تدعينى أنهل من دفئك مما يعيننى على برودة القبر
ألا تدعينى أشبع منك … وما علمت لروحى غذاء غيرك … وما علمت لقلبى دماء تحييه إلا منك
لم تتعلمين القسوة فى أنا؟ وكل ما طلبته منك حنانك
لم تسكبين فراغ السنين فى هوة عمرى؟ ألا يكفينى ما عرفته قبلك؟
لم تقاطعين لحنى .. وتبترين كلمات أغنيتى .. وقد كنت أنت الموسيقى والشعر .. بهما أحيا
مددت يدى إليك مفتوحة .. وتعبدت فى محرابك .. وتمنيت رضاك يا ربتى .. فما بالك تلقين بى فى النار وقد أخلصت عبادتك .. وأنكرت كل آلهتى عرفتها قبلك .. وما عرفتها بعدك .. فقد وحدت بك فى عشقى .. ووهبت لك حياتى
نعم؟ .. أهذا لخاطرى .. لصالحى أنا؟ حتى أشفى منك وأكمل مشوار حياتى؟
وما أدراك أنت بصالحى .. وما علمت شفائى إلا بك، ولا مشواراً أسيره بصدق مع نفسى إلا بوجودك
ثم تتحدثين عن الحب .. وكيف يؤلم .. وكم هى كثيرة شروره .. فما أدراك أنت عن الحب؟ وما أعلمك به؟ ألأنك ربة الهوى عانيته؟ لا .. يا مليكتى .. فالآلهة لا تعانى .. (أو هكذا تود أن تبدو) .. لا تبالى .. ولا تنكوى بالنار تخلقها .. إنها تعذب ولا تتعذب.
لكننى .. أعلم ما تعانيه .. أعلم ما تكابديه
أعلم ما يقلق بالك ويحير يومك .. ما تريدنه وما لا تريدنه .. بل ما تحسينه أيضاً
فلم لا تجربين .. عوناً .. من عبد حقير مثلى مقبلاً على قدميك يغسلهما بدموعه أملاً فى قبوله .. وخوفاً من رفضه
لم تختارين أن تهربى من عبدك الوحيد .. يصادقك ويصدقك .. يأتمنك ويؤمنك .. أهو لصالحى أيضاً؟ أهو لصالحى ألا أكون رسولك لجنة العاشقين؟ ومثلاً لمن أراد سمو روحه فى الحياة؟
ألصالحى أن أتخلى عن أمى وابنتى .. صديقتى وحبيبتى .. لمن أعود إذن وقد ساويت بينك وبين حياتى كلها .. بل أكثر .. وأكثر
فمن أعين؟ إن لم تكونى أنت ؟! بسمائك وأرضك .. بجنتك ونارك .. ومن يكون إن لم أكن أنا .. وقد صدقتك الوعد والعهد .. الكلمة والفعل. صدقتك النية فى الألم، دعوت الله أن أتحمله عنك .. وصدقتك القول فى الهم، تمنيت أن أزيله من فوق كتفيك .. وصدقتك العمل فى الأيام، ألا أرى لى هدفاً إلا إرضاءك وإسعادك
فما لى أن أفعل بعد؟ وقد أعيتنى السبل .. ولم أجد لى حيلة .. ولا عوناً .. إلا فى عقل يسيرنى فى الحياة، وقلباً ما لبث إلا نبض وابتهل باسمك .. وروحاً هوت حتى الغامض منك؟
قد سئمت أن أخبرك مراراً وتكراراً .. أن أفهمك أنى لست مثل الباقين .. واليوم أجدك تحاولين أن تكونى مثل الباقين .. لا فرق
لم ترفضيننى .. وأرى الرفض فى عينيك مقبلاً دوماً غير مدبر .. هل استكثرت على أن أستظل بظلك يوماً لم أجد فيه ظلاً غير ظلك .. هل نظرتنى يوماً ذئباً مثل بقيتهم .. ذئباً؟ وما ينال الذئب من روح .. ولم يعشق جسداً؟ أكرهتِ دموعى .. دموعى التى ما هى إلا وسيلة للمودة والقربى منك .. أتبرأ بها بما أجرمته فى حقك قبل أن أعرفك .. أتنكر فيها لعمر سرته وحيداً دون أنيس و .. حناناً ألتمسه منك .. فلا أجده .. فترد عينيى بدمع يغسلها لعلها تراه.
ماذا أقول فى أيامى تتهاوى مرة أخرى لتتوالى كلها وكأنها يوم واحد .. ليس به من جديد .. ليله كنهاره .. وقد كنت شمسه وقمره
وماذا أخبر عمرى إن سألنى عنك؟
ماذا أخبر عمرى إن سألنى عنك؟
هل أخبره أن الشمس قد غربت؟
دلينى .. بالغالى عليك .. هل أخبره أن الشمس قد غربت؟
آه .. ثم آه .. أريد أن أبكى .. أريد أن أبكى نفسى تبتهل إليك
بالله عليك .. أستحلفك بكل غالٍ .. هل ستمر أيامى ولست معى؟ ومن ستراودنى أحلامى عنها بعدك؟
من سأقول لها ..حبيبتى .. ولم أعلم لى حبيبة غيرك؟
هل سأكمل حياتى وقد كنت أنت معناها؟
هل ستغلبنى دمعتى الصامتة تناديك؟
أم أن الشمس قد غربت؟